d السعودية تعلن عن مشروع تاريخي يعيد الحياة للوديان والأراضي الميتة في اليمن | دليل السعودية

السعودية تعلن عن مشروع تاريخي يعيد الحياة للوديان والأراضي الميتة في اليمن

مشروع تاريخي يعيد الحياة للوديان والأراضي الميتة في اليمن
  • آخر تحديث

في بلد يعاني من تراكم الأزمات والنزاعات، أصبحت الجغرافيا نفسها تهديد يومي لحياة المدنيين، فالأرض، التي من المفترض أن تكون مصدر رزق وأمان، باتت مليئة بالألغام والذخائر غير المنفجرة، تشكل خطر مستمر يترصد خطوات الأبرياء.

مشروع تاريخي يعيد الحياة للوديان والأراضي الميتة في اليمن 

في هذا المشهد القاتم، يبرز مشروع "مسام" لنزع الألغام في اليمن كواحد من أكثر المبادرات إنسانية وتأثير، حيث لا يكتفي بتفكيك الألغام، بل يسعى إلى إعادة الأرض إلى أهلها، آمنة قابلة للحياة.

مهمة استثنائية أنقذت آلاف الأرواح المحتملة

في واحدة من أكبر عمليات نزع وتفجير الذخائر والمخلفات الحربية، نفذ الفريق الأول للمهمات الخاصة التابع لمشروع "مسام" عملية دقيقة في منطقة وادي دوفس التابعة لمديرية زنجبار بمحافظة أبين، أسفرت عن التخلص من أكثر من أربعة آلاف قطعة حربية كانت قابلة للانفجار في أي لحظة، وقد شملت الذخائر التي تم تفكيكها وإتلافها الآتي:

  • 21 قذيفة مدفعية من عيار 152 ملم
  • 35 قذيفة عيار 85 ملم
  • 33 قذيفة هاون من نفس العيار
  • 31 قذيفة عيار 100 ملم
  • 1200 طلقة من عيار 7.62 ملم
  • 500 طلقة من العيار الثقيل (50 ملم)
  • 2000 طلقة من نوع منمي
  • 261 صاعق تفجير (فيوز)
  • 31 قنبلة يدوية
  • 15 قذيفة خارقة للدروع
  • 10 ألغام مضادة للدبابات
  • 9 ألغام مضادة للأفراد

وقد نفذت هذه العملية في موقع بعيد عن التجمعات السكنية والزراعية، ضمن معايير السلامة الدولية المعتمدة، لتجنب أي أضرار جانبية أو إصابات بين المدنيين.

بين التضحية اليومية والتفاني المهني

صرح المهندس منذر قاسم، قائد الفريق، أن فرق "مسام" لا تعرف التوقف، إذ تعمل باستمرار على مدار العام رغم جميع التحديات البيئية والمناخية، مشير إلى أن استمرار هذا الجهد لا يرتبط بجدول زمني، بل بحياة آلاف المدنيين الذين تهددهم الألغام كل يوم.

وأضاف أن عملية وادي دوفس نفذت بنجاح تام رغم ارتفاع درجات الحرارة وصعوبة التنقل في التضاريس الوعرة، مما يعكس روح الالتزام والانضباط العالي لدى الفريق.

أكثر من مجرد إزالة ألغام

في بلد يعتمد جزء كبير من سكانه على الزراعة والأنشطة الريفية، فإن إزالة الألغام من المناطق الزراعية مثل وادي دوفس تمثل إنقاذ اقتصادي بقدر ما هي عملية أمنية، فهذه الأراضي تعد شريان حياة لآلاف الأسر، وتحريرها من الألغام يعني إعادة الروح إلى المجتمعات المحلية.

مشروع "مسام" لا ينزع الألغام فحسب، بل يهيئ الأرض لعودة الحياة، ليزرع الأمن بدل الخوف، والرجاء بدل الرعب.

إنه يعبر عن وجه آخر من وجوه الإغاثة الإنسانية، التي لا تقتصر على توزيع المساعدات، بل تشمل تهيئة البيئات الآمنة التي تسمح للناس بالعيش والعمل بكرامة.

ما وراء الأرقام

تفكيك أكثر من 4000 قطعة متفجرة في عملية واحدة ليس مجرد إنجاز تقني، بل تجسيد لوضع مأساوي قائم.

فكل قذيفة أو لغم مزروع هو قنبلة موقوتة، قد تنفجر في وجه طفل أو مزارع أو راعي دون سابق إنذار.

وتدل هذه الأرقام على حجم التحدي، إذ أن اليمن ما يزال يعاني من تركة ثقيلة من الموت الصامت المزروع في تربته.

ولكن في المقابل، فإن كل لغم يزال هو بارقة أمل، وكل قذيفة تفكك هي فرصة لبداية جديدة، وكل خطوة ناجحة لفريق "مسام" هي تأكيد على أن الأرض يمكن أن تشفى، وأن الحياة يمكن أن تنتصر على الموت.

نموذج فاعل حين يغيب العالم

في ظل التراجع الواضح في الاستجابة الإنسانية الدولية للأزمة اليمنية، يتقدم مشروع "مسام" كأنموذج إنساني حي وميداني يثبت أن العمل الإغاثي لا يكون بالكلمات أو الوعود، بل بالفعل والمخاطرة والتفاني على الأرض.

فبينما يشهد اليمن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، تثبت فرق "مسام" أن إعادة الإعمار الحقيقي تبدأ من تطهير الأرض، وتأمين الطرقات، وإعادة فتح الحقول، ومنح الناس فرصة للسير بأمان دون خوف من موت مباغت تحت أقدامهم.